اواخر صيف عام 1993
( اللقاء الاول )
الراوي :كنت جالسا على شرفة منزلي الواقع في حي فقير من احياء دمشق القديمة و ارنو الى حارتنا الحبيبة
وانتظر بائع العصير ابو شادي الذي يروي ظماي
و اقلق على ابو هادي الذي قلما سقاني من مائه العذب
و اتابع يعيني ابو فادي الذي كان يمر من حارتي بلمحة البرق حاملا بيده محفظة نقوده
مغذيا سمعي باناشيد الخضري ابو فكري الذي طالب بمجيئي
فقمت من الشرفة العالية ووثبت باتجاه الحارة قاصدا ابو شكري الذي رمى الي تفاحة نضرة وقال لي اشحن جسدك بها
فوقفت عند الخضري و اخذت اقضم التفاحة و اتلذذ بها وانقل نظري بين ارجاء الحارة
واذ بي شاهدت جاري ابو هاني الذي كان واقفا بحديقة منزله الممتلئة بالورود و الزهور و الياسمين
فسالته : ماذا تفعل بالمعول يا ابا هاني ؟
قال : انني ازرع شجرة
الراوي : اي شجرة هذه
ابو هاني : تلك التي بيد ابني هاني
الراوي : ما اجمل هذه الشجرة . من اين لك بها ؟
ابو هاني : اني اعرف هذه الشجرة كل المعرفة و اتيت بها من الشطان المقابلة لشاطئنا
الرواي : هل استطيع ان احظى بواحدة ؟
ابو هاني : يوما ما سيكون لديك شجرة
الراوي : هل تعطي ثمارا وفيرة ؟
ابو هاني : انها شجرة لا تنضب لا تموت وتثمر سنويا ثمارا وفيرة و تبهر العالم بعطااتها
الراوي : لماذا اغصانها هكذا ؟
ابو هاني : انها اغصان غريبة لان كل منها لها اسمها ووزنها و تاريخها و كمية ثمارها
فالاغصان الكبيرة تراها في الاعلى اما الصغيرة تراها في الاسفل
وكل غصن يعطيك انواعا عديدة من الثمار
فهنالك الثمار الكبيرة الكهلة
وهنالك الثمار الصغيرة الفتية
الثمار الكبيرة تكون لذيذة و تمد الغذاء للثمار الفتية
اما الثمار الصغيرة تنباك بمستقبل مشرق و تضمن لك لقمة عيشك
الراوي : يا الله ما اجمل شجرتك ! يوما ما سيكون لي شجرة مثلها
خريف عام 1995
( الاختيار )
يوم خريفي جميل مزينة باشعة الشمس الذهبية وهوائها مشحون بنسمات الياسمين الدمشقي
يوم لم يكن كثائر الايام
الراوي : قم , اترك ذاك الكتاب انه يوم عطلة ونستطيع ان نفعل ما نريد
اخي : ماذا تريد يا صاحب الصوت الهمجي
الراوي : قم و تحرك سنذهب الى الغابة المجاورة
اخي : هل جننت ؟ ماذا ستفعل بالغابة ؟
الراوي : هل تذكر ابو هاني ؟ وشجرته الجميلة ؟
اخي : ابو هاني , ابو هاني , ابو هاني ,,,,,, اجل اجل تذكرته انه صاحب اجمل شجرة في حينا
ماذا تريد منه ؟
الراوي : لا اريد منه شيئا , انما اريد ان احظى بشجرة مثل شجرته
اخي : ومن اين سناتي بها ؟
الراوي : لا تقلق , دع الامر لي ..
اخي : ماذا ستفعل ؟
الراوي : هيا بنا نسال حارس الغابة ابو لافي
الراوي : السلام , كيف حالك عمي ابو لافي ؟
ابو لافي : الحمد لله بخير . كيف حالكم وحال اهلكم ؟
اخي : بخير لله الحمد
ابو لافي : ها , ماذا تفعلون هنا هل اتيتم بمقصد ؟
الراوي : نعم لدينا مقصد , نريد ان نسالك كيف نستطيع ان نحصل على شجرة جميلة كتلك التي عند ابو هاني
ابولافي : تريدون شجرة اذا ؟
اخي : اجل
ابو لافي: عليكم ان تختاروا من اي شجرة ستاخذون
فهنالك يا صغاري شجارا متنوعة
فهنالك الشجرة المستوردة من انكلترا
هذه الشجرة جميلة و بعض اغصانها قوية ولها تاريخها و ثمارها جيدة
و مواسمها وفيرة تدر عليك باموال وفيرة
اما الشجرة الثانية هي الاسبانية
هذه شجرة جديدة لا باس بها اغصانها جيدة و ثمارها كلها مستوردة
ولكن اغصانها ليست كلها لها وزنها و تدبل اوراقها بسرعة
وجذورها ضعيفة تقع بكل سهولة
اما الشجرة الاخيرة هي الايطالية
هذه الشجرة رائعة الجمال . جمالها غريب
اعصانها قوية ولها وزنها و ثمارها وفيرة منها المستوردة و منها المحلية
انجازاتها خيالية و جزورها قوية لا تقع بسهولة و اوراقها دائمة الخضرة
فهذه هي الشجرات الثلاث الاحلى في الغابة فاي منهم تختارون ؟
الراوي : نريد الاجمل و الاقوى و دائمة الخضرة
ابو لافي : عليكم بالايطالية الشجرة المثالية
خذوا تلك التي في الزاوية فما ذالت فتية و ازرعوها في حديقة بيتكم واسقوها من حنانكم و زينوا اوراقها بحبكم
انها تكبر بمدى حبكم لها و بمدى عنايتكم بها فتصبح اكثر جمالا و اكثر بهائا و تصبح مثل شجرة ابو هاني تسحر الناظر اليها وتفتن السامع بها
اخي : سناخذها معنا و نزرعها بعيوننا و نسقيعا بمياهنا و نتابعها بلوعة و نسال عن اخبارها و نعتني بها و ندافع عنها و عن اغصانها ونستمتع بظلالها و نرى انفسنا بها
صيف عام (2006)
( المرض )
الشمس حارقة و الهواء مفقود و الزهور بدات تدبل و الاوراق باتت مصفرة وكانها تنبا بكارثة جديدة
الراوي : يا اخي ما هذا الجو الكئيب في هذا اليوم الصيفي , لم نعتد على يوم كهذا
اخي : اجل انه يوم حار و لا يبشر بالخير انظر الى اوراق الاشجار كيف باتت هزيلة
الراوي :اااااااااااه ماذا عن شجرتنا الحبيبة ؟ هل ماذالت فاتنة ؟ هيا بنا نطرف العين عليها .
اخي : لاااااااااااااا ما هذا ؟ انظر الى شجرتنا ! انظر ما حل بها !
اوراقها متاكلة و مصفرة و اغصانها باتت ضعيفة , نسمة الهواء تكسرها
الراوي : يااااا , انظر الى ذلك الغصن الكبير كيف وقع على الارض , ذلك العصن الجميل الغني بالثمار الناضجة و الاوراق المخضرة , يا الله ماذا حل بها ؟
اخي : انظر الى الثمار المتساقطة ! كيف باتت متحللة وامست غذائا للشجيرات المجاورة .
الراوي : ماذا سنفعل يا اخي ؟ علينا بمداواتها والا حلت الكارثة بنا
اخي : ماذا عسانا ان نفعل ؟
الراوي : طيب لماذا لا نسال حارس الغابة ابو لافي لعل عنده سبب مصيبتنا .
اخي : ابو لافي , ابو لافي , ارجوك ساعدنا , شجرتنا مريضة وتريد من يداويها , اغصانها تكسرت وثمارها سقطت , واوراقها اصفرت .
ابو لافي : لا تقلقوا يا اولادي , لا تقلقوا , شجرتكم بخير .
الراوي : كيف ذلك و هي بحالها هذا , كيف ذلك و هي باتت مريضة , كيف ذلك وهي على شفير الموت .
ابو لافي : الموت !! لا لا لا يا اصدقائي شجرتكم لا تموت
اخي : اذا ما حل بها ؟ اخبرنا و افلج عن صدورنا .
ابو لافي : الم تسمعوا المثل القائل : (الكرمة الجميلة تجذب الحشرات اليها )
ان شجرتكم هاجمتها الحشرات وباتت تاكل من اوراقها و تتلف ثمارها و تنخر باغصانها الجميلة
وللاسف نخرت بشدة من اكبر اغصان شجرتكم و جعلتها تقع وتلامس ثراكم
هذه الحشرات تريد موت شجرتكم و تريد ان تشبع نفسها بثروات حبيبتكم
لا تهمها سوى ملئ بطونها و اشباع رغباتها
هذه الحشرات لها مواسمها و كل شجرة عرضة لها
اخي : اذا الحشرات هي سبب مرض شجرتنا .
الراوي : هل سنقف يا ابا لافي مكتوفي الايدي و نشاهد موت شجرتنا ؟
ابو لافي : لا تستطيعون ان تفعلوا شيئا سوى الانتظار
والانتظار سيفيدكم لان شجرتكم ذات جذور عميقة و متغلغلة بالتربة و لا تجرفها السيول الكبيرة , ولا تقتلها الحشرات الطفيلية
ان شجرتكم ستعود كما كانت و احلى باذن الله و سترونها مخضرة و اوراقها زاهية و ثمارها ناضجة
واغصانها قوية
الراوي : ولكن ماذا عن الاغصان التي اسقطها تلك الحشرات اللعينة ؟
ابولافي : لا تقلقوا تلك الاغصان ستعود بالظهور من جديد و ستكون في البداية اغصانا فتية و ثمارها صغيرة و اوراقها ناعمة , ولكن مع مرور الوقت ستكبر تلك الاغصان وستعود كسابق عهدها و تاخذ مكانها المعتاد
بين الغصون الكبيرة
الراوي : اذا مسالة عودة شجرتنا الى اجمل شجرة في حينا هي مسالة وقت ليس الا و انا و اخي لا نستطيع ان نفعل شيئا
اخي : كيف نستطيع ان نقتل تلك الحشرات الفاسدة ؟ هل هنالك من سموم تبيدها ؟
ابو لافي : سموم تبيدها !! لا يا صغيري هذه الحشرات لا تموت و ان ماتت سوف تعود و تظهر من جديد
هذه الحشرات موجودة منذ القدم منذ بداية التاريخ , منها السارقة و المرتشية و القاتلة
الراوي : شكرا لك يا ابا لافي . ونريد دعواتك شفاء شجرتنا
صيف عام 2007
(العودة)
انه اليوم المنتظر انه اليوم الذي ستعود فيه شجرتنا الى سابق عهدها انه اليوم الذي ستتربع فيه شجرتنا على عرشها
انه اليوم المنتظر لكل محبي شجرتنا
فبعد مرور سنة كئيبة , سنة مرضت بها شجرتنا و باتت على شفير الهاوية
ها هي تعود الينا من جديد و كلها ثمار بهية
و اغصانها امست قوية و الغصون المتكسرة عاودت نموها
وعلى امل ان لا يقترب منها امثال تلك الحشرات اللعينة
هذه هي قصة شجرة حينا ...