الرحيم
ورحمة الله
فائده من كتاب الفوائد لأبن القيم
شكوى الجاهل وشكوى العارف
الجاهليشكو الله إلى الناس، وهذا غاية الجهل بالمشكو والمشكو إليه، فإنه لو عرف ربّه لما شكاه، ولو عرف الناس لما شكا إليهم
ورأى
بعضُ السلف رجلاً يشكو إلى رجل فاقته وضرورته،
فقال: ياهذا، والله مازدت على أن شكوت من يرحمك
إلى من لا يرحمك
وفي ذلك قيل
وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم
والعارف
إنما يشكو إلى الله وحده. وأعرف العارفين من جعل شكواه إلى الله من نفسه لا من الناس, فهو يشكو من موجبات تسليط الناس عليه, فهو ناظر إلى قوله تعالى:
{ وما أصَابكُم مِّن مُّصِيبةٍ فَبما كَسَبتْ أيدِيكُم } الشورى30.
وقوله: { وماأصابَك من سيِّئةٍ فمن نفسك } النساء79.
وقوله: { أولمَّاأصابتكُم مُّصِيبَةٌ قَدأصبتُم مِثلَيهَا قُلتُم أنَّى هذا قُل هو مِن عِند أنفُسِكُم إن الله على كُل شىءٍ قَدير } آل عمران 165.
فالمراتب ثلاثة :
أخسّها: أن تشكو الله إلى خلقه
وأوسطها: أن تشكو خلقه إليه
وأعلاها: أن تشكو نفسك إليه